مواقف إسلامية
الأستاذ الدكتور / عبد الرحمن العدوى
من مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم
في الإسلام مواقف سياسية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد
فإن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها ، ولا يطالب عباده بما لا يطيقون ، ولذلك كان من رحمته بهم عفوه عمن اكره على كلمة الكفر فنطق بها وقلبه مطمئن بالإيمان ، فإن الله قد رخص له في النطق بها إنقاذاً لحياته المهددة ممن اكرهه
وقد حدث ذلك لعمار بن ياسر رضي الله عنه ؛ قال ابن عباس : أخذه المشركون وأخذوا أباه و أمه سمية وصهيباً وبلالاً وخباباً وسالماً فعذبوهم .. فقتلت سمية وقتل زوجها ياسر وهما أول شهيدين في الإسلام ، وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً ، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله: ( وكيف تجد قلبك ) قال : مطمئن بالإيمان – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإن عادوا فعد ) .
قال العلماء : لما سمح الله عز وجل بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الإكراه ولم يؤاخذ به ، حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها إذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم ، وقد نزل في قصة عمار بن ياسر قول الله تعالى (( إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ))
وهذا الموقف وأمثاله يعتبر من التقية التي أباحها الله للمسلم ليدفع عن نفسه ضرراً لا يستطيع دفعه بغير ذلك ، فيظهر الموافقة وهو ثابت الإيمان واليقين ، مطمئن قلبه بذلك . وإظهار خلاف الواقع لدفع الضرر أو جلب مصلحة دينية ضرورية مما أباحه الله لعباده ، وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواقف لابد فيها من التورية لتحقيق مصلحة المؤمنين وإخفاء المعلومات عن أعدائهم ،
فكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورّى بغيرها ، وهذا من الكياسة في شئون الحرب ، وعندما جاء جيش المشركين في غزوة بدر قام رسول الله بعملية الاستكشاف بنفسه ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وبينما هما يتجولان حول معسكر مكة إذا هما بشيخ من العرب سألاه وعرفا منه بعض الأخبار ثم قال الشيخ : من أنتما ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن من ماء . وانصرف عنه ، وبقى الشيخ يتفوه : من أي ماء ؟ أمن ماء العراق ؟
وهكذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإجابة المحتملة التي لا تفشى للمسلمين سراً ولا تفيد عدواً وهو موقف قد نسميه في عصرنا بموقف سياسي
و اتمنى ان ينال اعجابكم